هل يخدم الاعتراف «بالدولة الفلسطينية» نضالنا التحرري؟

تبحث الدول عن مصالحها، لا مصالح دول أخرى. وأي اعتراف بدولة فلسطينية يأتي بهذا الإطار الذي يسلبنا حقنا بتقرير مصيرنا. كما أن الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود الـ67 بالتحديد يضفي شرعية على دولة الاحتلال، فيقف بوجه مشروع إقامة دولة فلسطينية من النهر إلى البحر ويضع مساعينا المستقبلية لتحرير كامل أرضنا في خانة الاعتداء والتوسّع.

كما أن الشيطان يكمن في التفاصيل:

  • فهل يشمل الاعتراف إنهاء سيطرة إسرائيل على أراضي الـ67 وسحب مستوطنيها من الضفة، بما في ذلك القدس الشرقية؟
  • هل يحدد الاعتراف حدود هذه الدولة؟
  • هل يضمن وجود اقتصاد متين وجيش قادر على مواجهة جيش العدو؟
  • بكلمات أخرى، هل نتكلّم عن دولة فلسطينية سيّدة وقادرة على إدارة شؤون مجتمعها وحمايته؟وهل عند من «يعترفون» بها الاستعداد لفرض هذه الشروط على إسرائيل؟

لم تنفع «اعترافات» الماضي قضيتنا بشيء. فالأمم المتحدة وحتى الولايات المتحدة أعلنت دعمها لإقامة دولة فلسطينية، دون أن يؤثّر ذلك على واقع الاحتلال. من المرجح أن تكون «اعترافات» المستقبل، الساذجة في أفضل الأحوال والخبيثة في أسوءها، مجرد شكليات تضفي شرعية إضافية على سلطة رام الله في حين تترك «تفاصيل» رسم الحدود وحق العودة وغيرها للمفاوضات بين «الدولتين».

حتى لو كان هناك تأثير إيجابي لاعترافات من هذا النوع على نضالنا التحرري، لا ننسى أنه سبق ولعبت حكومات استبدادية ومجازر وحروب أهلية دورًا تبيّن أنه «إيجابيًا» في تطوّر بعض المجتمعات نحو أنظمة سياسية أفضل. وعليه، حتى لو تبيّن أن لطرح الدولتين الصهيوني منفعة ما، وحتى لو قررنا استغلال تطورات من هذا النوع، لا يمكننا بأي شكل من الأشكال تبني هذا الطرح الاستعماري أو إضفاء أي نوع من الشرعية عليه.

والأهم أن السؤال المسبق عن تأثير اعترافات من هذا النوع على مسارنا يضعنا في خانة المفعول به إذ يفترض ضمنًا عدم قدرتنا على التحكم بنتيجة الاعترافات. لذا فلا بد من الإشارة إلى خطورة المقاربة من ناحية استسلامها للواقع. فلا ضير في تحليل تأثير حدث ما على الواقع، لكن التركيز ينبغي أن يكون على تعاملنا مع الحدث بغية التأثير على الواقع. فيصبح السؤال: ما هي الخيارات التي تحمينا من تأثير اعترافات بدولة فلسطينية على حدود الـ67، بل تستغلها لمصلحة مشروعنا التحرري الوطني؟

عمليًا، هذا يعني وضع هدف التحرير الكامل نصب أعيننا ومواصلة النضال على قلب موازين القوى. ويشمل هذا النضال بذل الجهود لإعادة إحياء طرحنا التاريخي الذي يشكّل النقيض التام للمشروع الصهيوني، أي مشروع إقامة دولة فلسطينية ديمقراطية من نهرها إلى بحرها.

سجلوا كمؤيدين لحل الدولة الديمقراطية الواحدة

للمشاركة

Scroll to Top