تعاني فلسطين اليوم من مشروع استعماري استيطاني وظّف الهوية اليهودية لتأسيس نظام احتلال وفصل عنصري يقوم بإزالة عرقية بحق الملايين. يجب أن تكون فلسطين الغد على نقيض تام مع هذا المشروع، أي دولة علمانية ديمقراطية واحدة لجميع مواطنيها. نظمت مبادرة الدولة الديمقراطية الواحدة، في 7 و 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2025 في مدينة مدريد، مؤتمرًا سياسيًا بعنوان "فلسطين الغد: دولة ديمقراطية واحدة لجميع مواطنيها"، بهدف التقدم نحو تحويل هذه الرؤية إلى حركة سياسية يمكن من خلالها تنسيق جهود الفلسطينيين واليهود المناهضين للصهيونية من فلسطين والشتات، وحلفائهم في كل العالم. إليكم كلمة المؤتمر الختامية.
"تود لجنة منسقي مبادرة الدولة الديمقراطية الواحدة أن تختتم هذا المؤتمر بالدفع نحو التحرير والعودة إلى فلسطين ديمقراطية واحدة، على مستويين: الرؤية والجهود.
أولاً، في ما يتعلق بالرؤية.
أوضح المؤتمر أن المشكلة الجذرية هي نظام الاستعمار الاستيطاني في فلسطين، وبالتالي فإن فلسطين الغد لا يمكن أن تكون سوى دولة ديمقراطية واحدة لجميع مواطنيها. وهذا يعني أن رؤيتنا، كفلسطينيين وكيهود معادين للصهيونية يحملون الجنسية الإسرائيلية، وكذلك كحلفاء على الصعيد العالمي، يجب أن تكون واضحة للغاية.
أولاً، يجب أن نكون واضحين بأننا لا نسعى إلى حل وسط بين الاحتلال والتحرير. نحن لا نسعى إلى نيل حقوق متساوية أو إنهاء الفصل العنصري في إطار نظام استعماري استيطاني، أو ما يسميه البعض دمقرَطة إسرائيل، أو دولة ثنائية القومية، أو "إسرائيل-فلسطين". بل نعمل على تفكيك دولة الاحتلال التي تمارس التمييز على أساس الهوية، وإقامة نقيضها: دولة فلسطينية ترى مجتمعها مواطنين.
ثانياً، يجب ألّا نتجنب القضايا التي يعتبرها البعض إشكالية. على سبيل المثال، ستمنح الدولة الديمقراطية الجنسية للإسرائيليين السابقين المتحررين من الصهيونية، وستنزع الامتيازات الاستعمارية وتحاكم المذنبين بارتكاب جرائم حرب. سيؤدي ذلك إلى مغادرة عدد من المستوطنين كما هو شائع في حالات إنهاء الاستعمار. كما أن التحرير لا يُطلب، بل يُنتزَع؛ والمقاومة بجميع أشكالها، بما في ذلك المقاومة المسلحة، هي حق بديهي وضرورة.
ثالثاً، يجب أن نوحّد رؤيتنا للتحرير. عمليًا، يشمل ذلك الاتفاق على وثيقة توضح أساس هذه الرؤية. لذا صاغت مبادرة الدولة الديمقراطية الواحدة إعلان "فلسطين الغد"، الذي وقع عليه حوالي 25,000 فلسطيني، والذي نرى أنه يشكل أساساً ممتازاً لوثيقة مشتركة. ونحن بالطبع على استعداد لمناقشة التعديلات عليه، أو العمل على صياغة وثيقة جديدة من الصفر. المهم هو التوصل إلى نص مشترك يعبر بوضوح عن رؤيتنا لفلسطين الغد.
ثانياً، في ما يتعلق بالجهود.
لا يصب ميزان القوى الحالي في صالح الديمقراطية. لذا يجب أن ننتقل إلى الهجوم لتغيير ذلك. نقترح مجالين للعمل: المواجهة بالسردية والتنظيم السياسي.
أولاً، المواجهة بالسردية. الدولة الديمقراطية الواحدة ليست رؤية سياسية فحسب، بل هي أيضاً سلاح مواجهة يخاصم شرعية الصهيونية المزعومة ويعرّي أسسها الهوياتية والعنصرية. يجب أن نفرض سؤال "دولة يهودية أم دولة ديمقراطية؟" كإطار لأي نقاش حول فلسطين، سواء كان من قِبل الأصدقاء أو الأعداء، وأن نجبر الصهاينة على وجه الخصوص على كشف موقفهم تجاه رؤيتنا للديمقراطية والمساواة والتحرر.
وهذا يعني أيضًا بذل جهود لإعادة إحياء هذه الرؤية بين التنظيمات السياسية والمجتمعية الفلسطينية وسائر الفلسطينيين. كما يشمل ذلك مساعدة حلفائنا على فهم أهمية مجاهرتهم بحق الفلسطينيين في تفكيك الكيان وإقامة دولة ديمقراطية، ترجمةً لموقفهم المناهض للاستعمار.
مبادرة الدولة الديمقراطية الواحدة منخرطة بالفعل في هذه المواجهة من خلال عملها الميداني وجهودها الإعلامية وبناء العلاقات السياسية في فلسطين والشام والعالم. ندعوكم للانخراط في تنظيمنا السياسي أو لتنسيق الجهود معنا.
ثانياً، الانتظام السياسي. ندعو الأفراد إلى الانضمام إلى مجموعات سياسية، بدلاً من العمل الفردي. وندعو المجموعات القائمة التي تركز على الرد على أفعال الكيان أو على وسائل الضغط إلى تبني رؤية سياسية طويلة الأمد توجه جهودها دون التوقف عن هذه الجهود. وندعو المجموعات السياسية إلى تشكيل جبهات وتحالفات حول تلك الرؤية.
بات واضحًا للكثيرين أن الاستعمار بنية عالمية لا تقتصر على فلسطين. في أوروبا وأمريكا، يتحالف الصهاينة مع النخب الرأسمالية في قطاعات صناعة الأسلحة والتواصل الاجتماعي وغيرها. فيمارسون سطوًا على التمثيل الديمقراطي السليم، ويسرقون موارد الدولة لمصلحة الكيان، ويفككون المجتمعات بمنطقهم الهوياتي. وهذا يعني أن جهود حلفائنا يجب أن تتطور من موقف أخلاقي متضامن مع فلسطين إلى عمل سياسي منسق ضد هذه البنية الاستعمارية العالمية.
وهذا يعني أننا بحاجة إلى أن نكون قادرين على فهم توازن القوى الذي يحدد شكل عالمنا. لذا أعدّت مبادرة الدولة الديمقراطية الواحدة مجموعة من الأدوات التحليلية في شكل مفاهيم سياسية ومجتمعية أساسية، وهي متاحة على موقعنا الإلكتروني. كما أطلقنا برنامج "قادرون" وهو برنامج تثقيفي ثوري. تهدف هذه المبادرات إلى المساهمة في بناء قدراتنا الفردية والتنظيمية لإحداث تغيير جذري في مجتمعاتنا. وندعوكم إلى الاستفادة القصوى من هذه الأدوات والمساهمة في تطويرها.
لم يكن الهدف من هذا المؤتمر أن يكون جهدًا أكاديميًا أو نظريًا، بل محطة سياسية لبناء القدرة على التأثير في مسار الأحداث. برؤية واضحة وجهود سياسية منظمة، سنشكل فلسطين الغد كما يجب أن تكون: دولة ديمقراطية واحدة لجميع مواطنيها."
أنقروا هنا لمشاهدة تسجيل المؤتمر.
المجموعات والشخصيات المشاركة:
الدكتور زاكاري فوستر، مؤرخ فلسطين والشرق الأوسط
الدكتور فيكتور دي كوريا-لوغو، مستشار الرئيس الكولومبي لشؤون الشرق الأوسط
الدكتور نيكولا شهوان، محلل دولي ومدرب سابق للمنتخب الفلسطيني لكرة القدم
الدكتور نيلسون حداد، نائب وزير الدفاع السابق وسفير تشيلي
الدكتور وليد زايد، مدير التثقيف السياسي والتكوين الفكري في الاتحاد الفلسطيني في أمريكا اللاتينية (COPLAC)
الدكتورة غادة الكرمي، مؤلفة كتاب "دولة واحدة: المستقبل الديمقراطي الوحيد لفلسطين-إسرائيل"
بليك ألكوت، نائب مدير "دولة ديمقراطية واحدة في فلسطين"
توماس إبستين، عضو في JudíesXPalestina
جواو كونسيكاو، عضو في منظمة الطلاب المتضامنين مع الشعب الفلسطيني ومنظمة شباب ريبيلديا
جولييت سامان، منسقة في مبادرة الدولة الديمقراطية الواحدة
حاييم بريشيت، مؤرخ مناهض للصهيونية وموثق وباحث في مجال السينما
رمزي ناصر، مدير "دولة ديمقراطية واحدة في فلسطين"
سامان حسن، منسقة في مبادرة الدولة الديمقراطية الواحدة
ساول تاكاهاشي، نائب رئيس مكتب وكالة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في فلسطين المحتلة سابقًا
سهيل ياسين، منسق في مبادرة الدولة الديمقراطية الواحدة
سيث موريسون، ناشط مناهض للصهيونية وزعيم في منظمة "صوت اليهود من أجل السلام"
سمعان خوري، رئيس الجمعية السلفادورية الفلسطينية وعضو في المجلس الوطني الفلسطيني
عوض عبد الفتاح، أحد مؤسسي حملة الدولة الديمقراطية الواحدة
فانينا بياسي، رئيسة حزب العمال الأرجنتيني وعضو في برلمان بوينس آيرس
كريغ مخيبر، محامي وناشط دولي في مجال حقوق الإنسان؛ مسؤول سابق في الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان
لانا صادق، عضو في مجموعة "فلسطين علمانية وديمقراطية واحدة"
مارتن غاك، فيلسوف وخبير في الأخلاق والدين، صحفي
محمد زريعي، منسق في مبادرة الدولة الديمقراطية الواحدة
مزنة الشهابي، مستشارة سابقة في منظمة التحرير الفلسطينية
نبيل مادي فياض، أمين عام الاتحاد الفلسطيني في أمريكا اللاتينية (UPAL)
يوآب حيفاوي، ناشط في حملة الدولة الديمقراطية الواحدة ومؤسس مدونتي Free Haifa و Free Haifa Extra
