أصبح المخطط الصهيوني لاستهداف أرضنا ومواردنا ولحمة مجتمعنا، الذي كان يعيه جل السوريين، مكشوفاً للكل السوري. فأولًا، الجولان محتل وأجزاء من القنيطرة ودرعا وريف دمشق، وحالياً الجنوب السوري كله مهدد وإن لم نتصدى لهذا المشروع سيصل التهديد إلى نهر دجلة. وثانيًا، صرح بنيامين نتنياهو بـ"لن نسمح لقوات تنظيم هيئة تحرير الشام أو للجيش السوري الجديد بدخول منطقة جنوب دمشق، ولن نقبل بأي تهديد لأبناء الطائفة الدرزية في جنوب سورية". كما أضاف "قواتنا ستبقى في قمة جبل الشيخ وفي المنطقة العازلة (السورية) إلى أجل غير مسمى". وثالثًا، أعلنت حكومة العدو نيّتها عقد مؤتمرًا دوليًا لتفكيك سوريا إلى كنتونات بحجة حماية الأقليات. وهو مشروع يخدم العدو إذ يحوّل الصراع السياسي إلى صراع هوياتي يفتّت مجتمعاتنا، مما يضفي شرعية شكلية على "الدولة اليهودية"، ويجهض أي مشروع تحرري وطني مستقل لبناء دولة المواطنة في سوريا.
والملفت سكوت حكومة الأمر الواقع عن هذه التطورات الخطيرة، والذي يشير لبداية تطبيع معلن أو غير معلن، قد تكون أحد ارهاصاته الترحيب بصهاينة بارزين في دمشق كالحاخام الأمريكي "أشر لوباتين" ومراسل القناة 12 "إيتاي آنجل". يضاف إلى ذلك التصريحات التي جاءت من هيئة تحرير الشام ورأس الهرم بها أحمد الشرع للعديد من الوسائل الإعلامية، برغبة سوريا للسلام وعدم قدرتها على الدخول بأي مواجهة، دون حتى التطرق إلى مواجهة غير عسكرية. أما قوى الأمر الواقع الأخرى في الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا فقد مضت قدمًا في التطبيع العلني إذ أجرت الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية فيها إلهام أحمد مقالبة مع إحدى الصحف الصهيونية، وتواصلت مع وزير خارجية الاحتلال، وصرّحت أن الكيان الإبادي جزء من "الحلّ ديمقراطي" للمنطقة، وتماهت مع المنطق الصهيوني التفتيتي قائلةً أن أي محاولة لتوحيد الشعب سوف يفسح المجال لحرب أهلية.
يحتّم خطر المشروع الصهيوني على سوريا أرضًا ومواردًا ومجتمعًا تحمّل كل الأطراف المعنية مسؤوليتها: لدولة المواطنة رغمًا عن المشروع التوسعي التفتيتي. فمسؤولية حكومة الشرع تحديد الموقف من المشروع الصهيوني وتحديد المشروع الاقتصادي والاجتماعي الذي يحصّن سوريا، بما في ذلك تجريم التطبيع، والتأكيد على هدف بناء دولة المواطنة لا دولة المكونات. ومسؤولية الإدارة الذاتية رفض تصريحات إلهام أحمد واتخاذ إجراءات بحقها وتحديد موقفها من المشروع الصهيوني. ومسؤولية كل التنظيمات السياسية والعمالية والمجتمعية والأهلية التأكيد على رفض التطبيع. ومسؤولية كل مواطن/ة سوري/ة الانتظام السياسي بغية المشاركة الفاعلة في بناء دولة على نقيض مع المشروع الصهيوني. كما أن على القوى التي دعمت النظام البائد ولاسيما التي اشتركت في حرب النظام على شعبه، بما في ذلك الفصائل الفلسطينية، مراجعة خياراتها والاعتذار عن دعمها لنظام مجرم. وهذا ما سيفسح المجال لمصالحة حقيقية تضمد الجراح التي لحقت بشعوبنا وتعيد فلسطين إلى سوريا وسوريا إلى فلسطين وتمكّننا من مواجهة المشاريع التفتيتية، وعلى رأسها المشروع الصهيوني.
عاشت سوريا حرة موحدة، والخزي والعار لكل المتآمرين على وحدة شعبها وأرضها.