بيان لمبادرة الدولة الديمقراطية الواحدة في 27 تشرين الثاني 2024
آلمت الحرب على لبنان شعبنا في فلسطين والشتات، لاسيما حين تحوّلت إلى إبادة في الأشهر القليلة الماضية. وتريحنا الأخبار عن انتهاء العدوان الهمجي عليه. نحيي تضحيات من قاوموا واستشهدوا وفقدوا أحباءهم وأصيبوا وخسروا بيوتهم وتكبدوا خسائر مادية ونفسية أخرى على يد العدو الصهيوني.
رغم إمكانياته المسلحة ورغم مقاومة وتضحيات مقاتليه، لم يتمكن حزب الله من وقف الإبادة في فلسطين أو لبنان، ولم يستطع الإيفاء بوعده “عدم فك جبهة لبنان عن جبهة فلسطين” قبل نهاية العدوان على غزة. لا نقول هذا بدافع الشماتة كما يفعل المطبعين؛ كما لا نقبل ترك ساحة النقد لهم. فالمعركة ضد الكيان مستمرة حتى تفكيكه. وإدراك مواضع الضعف وأسباب الفشل مفتاح التقدّم حتى النصر.
ونلحظ هنا ثلاث خيارات خاطئة. أولًا، الخطاب الانتصاري، الذي اتّضح أنه منفصل عن الواقع. فتبيّن أن حزب الله غير قادر على فرض “توازن رعب” يردع العدو ويحمي الشعب في لبنان، على عكس ما زعم على مرّ السنين. ثانيًا، عدم بناء دولة قادرة على مواجهة العدو، مما ترك لبنان دون مقوّمات الصمود الأساسية، من ملاجئ وخطة إغاثة وخطة لإيواء النازحين واقتصاد متين وتغطية صحية وحتى كهرباء. ثالثًا، الخطاب الهوياتي. فحصر مسؤولية حماية لبنان ومواجهة الكيان الثقيلة لحزب طائفي يصرّح علنًا أنه “الحزب الشيعي الإثني عشري” و “جماعة إيران” يهدّد لحمة وتماسك المجتمع اللبناني ومصداقية العمل المقاوم. وهذا ما تبيّن أنه بغاية الخطورة في وجه “الدولة اليهودية” القائمة على إثارة النعرات الهوياتية. وكل هذه العوامل ساهمت في تطوّر علاقة غير متكافئة مع إيران إذ لا قدرة تفاوضية حقيقية للبنان، بغياب دولة، أمام القوى الإقليمية والعالمية.
إننا في مبادرة الدولة الديمقراطية الواحدة ندعو من هم في مواقع المسؤولية والتأثير، والمنخرطين في الأحزاب السياسية والتنظيمات المجتمعية الأخرى في لبنان وفلسطين والمنطقة، إلى الإقرار بفشل الوصفات القديمة، لاسيما المرتكزة على توظيف الهويات. فتحصين مجتمعاتنا بوجه هذا العدو يتطلب رؤية سياسية تحررية على نقيض تام مع الصهيونية: رؤية لقيام دول ديمقراطية وعلمانية.